الميل بها عما تدل عليه من المعاني الحقيقية العظيمة إلى معان باطلة

الميل بها عما تدل عليه من المعاني الحقيقية العظيمة إلى معان باطلة
الميل بها عما تدل عليه من المعاني الحقيقية العظيمة إلى معان باطلة

الميل بها عما تدل عليه من المعاني الحقيقية العظيمة إلى معان باطلة، إن التعمق في أسماء الله الحسنى يسلم قلب المسلم من آفات عظيمة مثل الكبر والحسد ، بالتعرف على أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته، لا يحسد المسلم غيره على ما أنعم الله به عليهم، ومن أقام هذه الأسماء ومعانيها في قلبه فإنه يصل إلى كمال العبودية لله، ويزيد التوحيد في فؤاده، ويستشعر المؤمن مراقبة ربه عز وجل عند استذكار واستحضار أسماءه ومعانيها الشريفة.[1]

الميل بها عما تدل عليه من المعاني الحقيقية العظيمة إلى معان باطلة

هو الإلحاد بأسماء الله الحسنى، وحقيقة الإلحاد فيها هو الميل بها عن الاستقامة إلى معان باطلة، فيها لأحد من المخلوقات، ومن الامثلة على ذلك إلحاد المشركين بأسماء الله الحسنى، فاشتقوا لآلهتهم من صفات الله ما لا يصح إلا لله عز وجل، كتسميتهم اللات المشتقة من الإله، والعزى المأخوذة  من اسم الله العزيز، واسم مناة من المنَّان، وكل مشرك بغيظ تعلق بمخلوق اشتق له من خصائص الإلهية والربوبية ما برر له عبادته، وطائفة الاتحادية هم أعظم الخلق إلحاداً الذين من قولهم: أن الرب عين المربوب، فكل اسم مذموم أو ممدوح يطلق على الله عندهم، تعالى الله عز وجل عن قولهم هذا علوًا كبيرًا، وإما أن يكون الإلحاد عن طريق نفي صفات الله تعالى وإثبات أسماء لاوجود ولا حقيقة لها، كما فعل الجهمية ومن تفرع عنهم، وإما بإنكارها وجحدها رأسًا إنكارًا لوجود الله تعالى، كما فعل الزنادقة من الفلاسفة، فهؤلاء الملحدون قد انحرفوا بشكل تام عن الصراط المستقيم، ويمموا طرق الجحيم.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: قال تعالى: (وَلله الأَسْمَاءُ الـْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، أن الإلحاد في أسمائه عزوجل، هو العدول بها وبمعانيها وحقائقها عن الحق الثابت لها، فمنه اللحد وهو الشق الذي يكون في جانب القبر حين يميل عن الوسط، وهو مأخوذ من الميل كما تدل عليه، ومنه الملحد في الدين المائل إلى الباطل الحائد عن الحق، قال ابن السكيت: الملحد المائل عن الحق هو المدخل فيه ما ليس منه، والملتحد منه وهو مفتعل من ذلك. وقوله تعالى:( وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا)،  أي هو الرب الذي يعدل إليه، ويهرب إليه، ويلتجئ إليه، ويبتهل إليه، فيميل العبد إليه عن غيره، تقول العرب: التحد فلان إلى فلان اي عدل إليه.[2]

اقرأ أيضًا: من واجب المسلم تجاه أسماء الله تعالى إثبات ما أثبته له رسوله من الأسماء الحسنى

أنواع الإلحاد في أسماء الله

أن ما يقدمه الملحدون في جميع أنماطهم هو أن الإنسان لا قيمة له، وهذا الوجود عشوائي، جاء بالصدفة وسينتهي بالصدفة كذلك، والانسان صدفة ولا قيمة له، لا في لحظة مولده ولا حتى بعد مماته، وإنما الانسان مجموعة من الذرات المادية التي تجمعت بدون سبب، والتي ستفترق غدًا لا مغزى لها ولا معنى في الحياة.[3]

  • تسميته بما لا يليق بجلاله سبحانه كتسمية النصارى له أبًا، وتسمية الفلاسفة له موجبًا بذاته، أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك.
  • وصف الله عز وجل بما يتقدس ويتعالى عنه من النقائص، كقول أخبث اليهود: إنه فقير. وقولهم: إنه استراح بعد أن خلق الخلق. وقولهم:( يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ) وأمثال  أخرى على ذلك مما يدرج تحت الإلحاد في أسمائه وصفاته.
  • تسمية الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإله، وتسميتهم الصنم إلهًا، والعزى من العزيز، وهذا إلحاد حقيقة؛ فإنهم عدلوا بأسمائه إلى آلهتهم وأوثانهم الباطلة.
  • تعطيل الأسماء الحسنى عن معانيها وجحد حقيقتها، كقول من يقول من أتباع الجهمية: إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن معاني ولا صفات فيطلقون عليه سبحانه، السميع، والبصير والحي، والرحيم والمتكلم والمريد، ويقولون: ولا سمع له، ولا بصر له، لا حياة له ولا إرادة تقوم به ولا كلام له، وهذا من أعظم الإلحاد فيها وشرعًا وعقلًا ولغةً وفطرةً، وهو ما يقابل إلحاد المشركين؛ فإن أولئك الملحدين أعطوا صفاته وأسماءه سبحانه، لآلهتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وعطلوها وجحدوها، فكلاهما ملحد في أسمائه، ثم الجهمية وأتباعهم متفاوتون في هذا الإلحاد، فمنهم الغالي والمتوسط ومنهم المنكوب، وكل من جحد أو انكر شيئًا مما وصف الله به نفسه أو مما وصفه به رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد ألحد في ذلك فليستكثر أو يستقل.
  • تشبيه صفات الله بصفات خلقه تعالى الله سبحانه عما يقولون علوًا كبيرًا، فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة، فأولئك نفوا صفة كماله، والذين شبهوها بصفات خلقه، فجمعهم الإلحاد وتفرقت بهم سبله، وبرَّأ الله أتباع رسوله الكريم وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله، فلم يصفه أحدهم إلا بما وصف به نفسه، ولم ينكروا ويجحدوا صفاته سبحانه، ولم يشبهوها بصفات الخلق، ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه معنىً ولا لفظًا؛ بل أثبتوا له الصفات والأسماء ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، فكان تنزيههم خاليًا من التعطيل، وإثباتهم بريئاً من التشبيه، ولم يكونوا كمن شبّه حتى كأنه يعبد صنمًا، أو عطل حتى كأنه يعبد عدمًا.[2]

اقرأ أيضًا: الايمان بأسماء الله وصفاته كما جاءت في الكتاب والسنة هو

 تعريف الإلحاد وأشكاله

تعريفه لغة

يعرف الإلحاد لغة بأنه العدول عن الشيء، والميل عن القصد، ومصدره لحد، واللحد هو الشق الذي يكون في جانب القبر يراد بالإلحاد لغة أنه كل من مال عن الحق والقصد، وأطلقت العرب صفة وتسمية الإلحاد على كل من أظهر بدعة وإن كان مؤمناً بالله وكتابه وبنبيه، وإطلاقها على الزنادقة والكفار أشهر حتى وإن كانوا على مذاهب أو اديان أخرى.

تعريفه اصطلاحًا

أما اصطلاحًا فيعرف الإلحاد أنه مذهب فكري ينفي وجود خالق للكون، واشتقت هذه التسمية من اللغة الإغريقية، من كلمة أثيوس وتعني بدون إله، ظهرت هنا التفرقة بين مصطلح الإلحاد وبين واللاأدري والربوبي، ظهرت العديد من المصطلحات في الفكر الإلحادي بناءً على تلك الفروق، الكاشفة لعقيدة حاملها بشكل أكثر دقة، مثل:

  • الربوي Diest: هو الشخص الذي يؤمن بأن هناك إله قد خلق الكون، ولكن ينكر أن يكون قد تواصل الإله مع البشر عن طريق الرسل والديانات.
  • اللاأدري Agnostic: هو الشخص الذي يؤمن بأن القضايا  التي تتعلق الألوهية والغيب، لا يمكن إقامة الحجة عليها ولا يمكن اثباتها، كما لا يمكن نفيها في الوقت ذاته، باعتبارها فوق قدرة العقل البشري على الإدراك.
  • اللاديني: وهو الاسم الذي يفضله كثير من الملحدين، مع أن اللفظ لاديني يعني من لا يؤمن بالديانات، وليس بالضرورة أن ينكر وجود الإله.
  • العلماني Secularist: العلمانية تعرف بأنها دعوة إلى إقامة الحياة بناءًا على العقل، ومراعاة المصلحة، والعلم المادي بمنعزل عن الدين، وهو مصطلح سياسي لا علاقة له بالعقيدة الدينية للفرد، ولكن كثيرًا من العلمانيين ملحدون، أو لا دينيين خاصة في بلاد الغرب.
  • ضد الدين Antitheist: هو الملحد الذي يتخذ موقفًا عدوانيًا من الدين والإله والمتدينين.
  • الملحد: هو المنكر لوجود الإله والدين.
  • المتشكك Skeptic: هو الشخص الذي يرى أن براهين الألوهية غير تكفي لإقناعه، ولكن في نفس الوقت لا يمكن تجاهلها.[3]

الميل بها عما تدل عليه من المعاني الحقيقية العظيمة إلى معان باطلة، ويقصد بها التحريف والتبديل بأسماء الله عز وجل وصفاته، وتحييد أسماء الله الحسنى عن معانيها الحقيقية وإنكارها وجحدها، وتشبيه صفاته عز وجل بصفات خلقه، وهو نوع من أنواع الإلحاد، والله متم نوره ولو كره الكافرين.